عزيزتي،
اليومَ أخذتُ تميمتي وقلمي وقصدتُ الشارع، ومضيتُ فمضت أقدامي بغير هدى لأجد نفسي على كورنيش المدينة، رأيتُ طفلًا وطفلة، شابًا وفتاة، رجلٌ وسيدةٌ وكهلٌ يتكئُ على رفيقةِ دربة تأخذ بيده وهي تبتسم، جرى شريطي على غير العادةِ فرأيتني طفلًا ألهو، ورأيتُكِ طفلةً تبتسم، رأيتنا شابًا وفتاةً يتبادلان خُطط حياتهما معًا وعيناهما صوب الغروب، ونسيم البحيرة البديع يهُب من أجلهما ليرسم لهما ذكرىً بديعةً، شمعةً ستنير طريقهم في ظلام هذا الكون الظالم، دمعت عيناي لأنني وددتُ لو أن تكون هذه ذكرانا، أن يكون هذا نحنُ.
وددتُ بأننا لم نولد، لأننا لا نستحقُ هذا الألم، خبّريني أيستحقُ العشَّاقَ كل هذا الوجع، هذا العالمُ يقتلنا في كل لحظة، يقتلُ الإبتساماتِ قبل أن تخرجُ، يغتالُ المشاعر حين البوح، ويأبى بكبرياءِ الظالم أن يتركهم لحالهم، يفرضُ عليهم قيوده وتحكماته، لأنّه لم يجرب الحبُ، لا يفهمه، فيأبى حتى تركهم سعداء.
هذا المجتمعُ بائسٌ، لا يفهمُ إلا الخوفُ، لا يُجيدُ حتى الابتسام، ثم يحيكُ المبرراتِ ويصبغها بآياتٍ كي يبررَ ذلك، يتناسى ساعتها كلُ آياتِ الغفرانِ والرحمةَ والعفو، لو توقفَ للحظة لفهم أنّه يتعالى على الخالقِ الذي يظنُ بأنّه يرضيه ويأبى التوبة والعفو، يأبى أن يكون مصدر سعادة، يأبى حتى الاستماع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق