سنرحل قبل الفجر.
إنَّ لأشَّد ما يؤلمنا في هذه الحياةِ، ليسَ مُر حيواتِنا، بل افتقادنا للمعنى فيها، افتقارنا لأن نعرف حتى أنفسنا، نضيعُ وسط تسارعِ الكونِ حولنا، يومًا تلو الآخر حتى نكتشف فجأةً أنّنا لا نعرف حتى أنفسنا، نكتشفُ فجأة أن القطار قد فاتنا، أنّنا كبرنا، وشابَ الشعرُ شيبةً، بل وشابَ معه كل شيءٍ حتى أجسادنا صارت مريضةً ولا تقوى حتى على حملنا. لكنّنا مُتعبون فحسب، متعبون في مطاردة أحلامنا؛ أحلامنا حتى البسيطةُ منها إكتشفنا أنها ليست ببسيطةٍ على الأطلاق، أحلامٌ حين تحسبها رياضيًّا تكتشفُ أنّها تساوي كثيرًا، لكنك تحلمُ على أملٍ بأنّك تستطيع، وببعضِ قفزاتٍ من الحظ والإيمانِ يصلُ البعضُ، يصلون ولكنهم يضحّوا من أجل ذلك بأشياءٍ أغلى وأنفس، يدفعون في سبيل أحلامهم الغربة ثمنًا. هذهِ هي الحياةُ التي نعيشها بحلوها ومرها، حياةٌ يزينها رجالُ ديننا الشرفاء بالصبرِ والاحتسابِ والأجر ويجمّلها مدربي تنميّة الخرافاتِ بالأساطيرِ حتى تستمر الحياة وتدورُ العجلة، وربما يكون ذلكَ حلًا منطقيًّا فالحلُ الآخرُ هو ثورةٌ يثور فيها هذا الشعبُ المُتعبَ على أوضاعهم. وساعتها لن يكون لكلامهم قيمةً وسينكشفون بأنهم لا أكثر