سألني صديقٌ: «كيفَ يمكننا المواصلةُ بعدَ كُل هذا الألم، وبعد كل تلك المشاهد، وكل تلك الدماء؟»، صمتُ لدقائقَ طوليةٍ وعيناي لا تفارق سماء الليلِ الحالكِ، كنتُ ألوذُ بالصمتِ فرارًا، يُحدثني كأنّني أعلمُ كل شيءٍ وأننّي سأقولُ كلامًا حكيمًا يداوي جُرحَ المشاهدِ التي تعجُ هاتفه!
نظرتُ له ولعيناهُ المنكسرةِ بفعل العجز وبفعل القسوة أنا ألبسُ زيَّ التماسكِ الغريزيِّ، ذلك التماسك الذي يخبرنا به عقلنا الباطن أنّ لا شيء بيدنا كي لا ننهار! قلتُ له: دع الحياةَ تحدثُ! لأنّها ستحدُث رغم أنفِ الجميع! حدثت وستحدثُ حتى آخر الزمان! لمرةٍ واحدة سنتظاهرُ أننّا لسنا محور الكونِ وأن مشاعرنا الأنانيّةُ في الاستمرار والمستقبل ومشاغل حياتنا الطبيعيّة هي الدافعُ الوحيدُ للاستمرارِ.
لأن الحياة ستستمر رغمًا عنّا! ورغمًا عن الجميع! وأن كل تلك الدماءِ وكل تلك التضحيّة هي تضحياتٌ من أجلِ بسمةِ الأطفالِ في المستقبل، والشغفُ في مواصلة الحياةِ والبناء!، لم تسيل الدماءُ أبدًا حتى ننكسر، بل لنواصل ونبني ونُشيّد ونبتسم، ونتذكرُ في لحظاتنا التضحيّات التي بها سيعلو صوتنا، لنتابع يومًا بيومٍ بشغفِ المرة الأولى، وصدورٍ منفتحةٍ لا تخشى الانكسار، سنواصل للبناء ولنعمل ونحارب وننتصر، ونبتسم كما ابتسم الأبطالُ في اعتقالاتِ البدايات، ابتسامة الأمل والنصر، إلى المنتهى!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق